سلسلة رسائل لم تصل - صليحة بن عمار

بعدما حصل من ألم الفقد والمرض معا، وبعد ما عانيته انت بسبي , وما إن ابصرت عيني نور الحياة مرة اخرى نبض قلبي باسمك , تذكرت كل شيء فجأة , فعدت ادراجي بجناح الفرح علني اجدك كما تركتك...
فاخبروني انك خرجت من حزنك قليلا ,ولم أعد في حياتك الا مجردة تنهيدة عميقة لتنطلق بعدها من جديد
اخبروني أن الإبتسامة عادت لك من جديد , وأصبحت تكلم هذه ,وتغازل تلك , وتستمر بالمحادثات مع غيري في مواقع التواصل حتى اوقات متأخرة من الليل , فتألمت أيما ألم وايقنت انك بخير في غيابي , وانك وجدت من تحتل مكاني بهذه السرعة .
ولا اخفيك سراُ أني اكتويت بنار الغيرة ,فأتصلت بك مرات ومرات فوجدت رقمك مغلق وآخرها لم أجده في الخدمة ,فسيطرت عليا فكرة انه لا يوجد لآخرى حق فيك غيري ,
فتدهورت صحتي أكثر وكدت أُجن بعدما عُدمت الوسيلة وفشلت في الوصول اليك .
وما ان انقشعت سحابة الألم والخوف على فقدك , عاد اليا الصواب فنظرت في المرآة علني اجد تلك الفتاة اليافعة التي كانت تنبض حياة وتفيض حيوية وقد غادرت ملامح وجهي , لم يعد ذاك الوجه الذي كان يشع نورا كالسابق اصبح مليئا بأثر تلك الألآت اللعينة ،لم اعد تلك الفتاة ذات البسمة المشرقة التي اينما حلت شدت الانتباه بجمالها ... فقد تحولت الى شبح لا أثر للحياة فيه فأحجمت عن المحاولة , وشعرت انني لست على مستوى رهان تلك الفتاة التي كنت متيمًا بها ذات يوماً.
فلقد غادرت في الصمت بينما كنت اصارع الموت وانا مربوطة لتلك الآلات اللعينة ,وتركت وراها جثة هامدة تستجدي الحياة... أنطفأت كشمعة ولم يبقى الا اثر للدخان ابيض على جثة يكسوها الجليد , فخشيت ان أوقض آلام الماضي بعدما فقدت كل اسلحتي, الا وعد قد قطعته لي ذات شتاء , فارغمك لعودة لمن لا حيلة له وقد تبدل حالنا وأصبحنا غير الذي كنا ...
وقفت طويلا ألتقط اخبارك ، واتتبعك في مواقع التواصل بعدما سمحوا لي الاطباء ان امارس حياتي طبيعيا مع قائمة لوائح منع طويلة , وكنت في كل مرة احترق شوقاً وألماً, ورغم هذا احست بالارتياح لاجلك لانك استطعت ان تتجاوزني و تلك الذكريات المؤلمة , ونهضت مرة اخرى من شتاتك الذي كان يؤلمني ويقتلني الف مرة في اليوم , و بينما لا ازال ألملم اشلائي المبعثرة بعد عاصفة دمرتني وألحقت بي اشد الأذى ...
نظرت لك من بعيد وانت متردد ان تستمر في محراب حبك وتحافظ علي الوعد حتي أعود من موت كان محتوما او ان تستسهل اطلاق الاحكام مستبقة حتى تستمر وكأني لم امر في حياتك من قبل , فوجدتك وقد عزمت ان تتنازل عني مكرها او متعمدا ... وان تهجر وكري الذي ألمك كثيرا وجودك فيه , وان قدمك قد خرجت بالفعل لتلتحق بها الأخرى ...فأشفقت ان أعيدك لشقاء والحزن و أُثنيك عن قرارك ...بظهوري فجأة أمامك كضيف غير مرغوب , فمارست لعبة الإختفاء بإتقان حتي اطمئن عن احوالك ...
وتألمت حين علمت انك عازم عن طي صفحتي والذهاب قدوماً مع غيري ... فانسحبت حتى لا اقف كحجر عثرة بعهد قد برمته سابقا وعهد قد برمته اليوم , انسحبت بصمت وألم صاخب و حملت على كاهلي سوء ظنك بي لكي تعيش مرتاح الضمير حتي لايُحال حبك شفقة .
صحيح ان الله اعطاني فرصة آخرى لأعيشها بعدما كان بيني وبين القبر خيط رفيع ,رغم ان كل شيء هنا مختلف عن قبل كل شيء تغير فيا حتي أنني لم أعد اشبهني الا أن ذلك الألم الذي ااستوطن جسدي طويلا غادره ليستوطن قلبي للأبد ... اما انت لتزال بنفس الملامح كل شيء فيك على حاله إلا ذاك القلب الذي اكتسى بسحابة كثيفة من دخان عكرت صفوه وفقد بوصلة الصواب و لم يبقى نفس المكان الآمن الذي كنت الجأ اليه لاشعر بالسلام والصفا...
قررت ان اعتزل لعبة التخفي واهجر بصمت بخطوات تأخذني الى بعيد ميلا وتقهقرني ذاكرتي للخلف أميالا ، ورغم هذا الجهد رحلت مكرهة واخذت سوء حظي بعيدا عنك .
لا تستغرب لماذا لم اطلب منك السماح لانه لا ندري أيهما تضرر بسبب الآخر ...فكلانا اجرم في حق الآخر بدرجات مرغما كان او متعمدا... وحتي لو طلبنا الغفران من بعضنا البعض فلا احد منا سيلتمس عذر الآخر فكلانا اخطأ في حق نفسه و في حق من حوله للأجل الآخر ...
رجائي الاخير ان تكن سعيدا حيث كنت .
بقلم #صليحة بن عمار
نصوص ذات صلة


